كسيلة بن لزم الأوربي البرنوصي




كان كسيلة البربري (Aksel Le Berbère) زعيما لقبائل أوربة، ويقول مؤرخ البربر ابن خلدون: كانت البطون التي فيها الكثرة والغلب من البربر كلهم... لعهد الفتح أوربة وهوارة وصنهاجة من البرانس ونفوسة وزناتة ومطغرة ونفزاوة من البتر، وكان التقدم لعهد الفتح لأوربة بما كانوا أكثر عدداً وأشد بأساً وقوة. وهم من ولد أورب بن برنس، وهم بطون كثيرة... وكان أميرهم بين يدي الفتح سكرديد بن زوغي بن بارزت بن برزيات ولي عليهم مدة ثلاث وسبعين سنة، وأدرك الفتح الإسلامي ومات... وولي عليهم من بعده كسيلة بن لزم الأوربي، فكان أميراً على البرانس كلهم. ولما نزل أبو المهاجر تلمسان سنه خمس وخمسين، كان كسيلة بن لزم مرتاداً بالمغرب الأقصى في جموعه من أوربة وغيرهم، فظفر به أبو المهاجر وعرض عليه الإسلام فأسلم، واستنقذه وأحسن إليه وصحبه .
انزاح كسيلة حليفا لأبي المهاجر لما رأى ما رآه من قوة المسلمين. لكن عودة عقبة مجددا لقيادة الجيوش المسلمة بإفريقيا ستخلق شكوكا لدى كسيلة بخصوص الهدف من فتح الشمال الأفريقي أهو نشر الإسلام بين السكان الأمازيغ أم هو تسلط وتجبر العرب للحصول على الثروات والاستبداد بالحكم.
في سنة 681 م، سجن عقبة بن نافع كسيلة البربري وعامله بإذلال ولم يحفظ له مكانة كما أوصى بذلك نبي الإسلام محمد عليه السلام. وفي ذلك يقول ابن خلدون: وكان عقبة في غزاته – للمغرب - يستهين كسيلة ويستخف به وهو في اعتقاله. وأمره يوماً بسلخ شاة بين يديه فدفعها إلى غلمانه، وأراده عقبة على أن يتولاها بنفسه، وانتهره، فقام إليها كسيلة مغضباً. وجعل كلما دس يده في الشاة يمسح بلحيته، والعرب يقولون: ما هذا يا بربري؟ فيقول: هذا جيد للشعر، فيقول لهم شيخ منهم: إن البربري يتوعدكم. وبلغ ذلك أبا المهاجر فنهى عقبة عنه وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستألف جبابرة العرب، وأنت تعمد إلى رجل جبار في قومه بدار عزة قريب عهد بالشرك فتفسد قلبه، وأشار عليه بأن يوثق منه وخوفه فتكه، فتهاون عقبة بقوله . ويؤكد المؤرخون أن أقصى حدود الإهانة التي فرضها عقبة بن نافع على كسيلة البربري هي ذبح الشياه للجنود العرب. ذلك أن ذبح الذبائح يعد أمرا مهينا لنبلاء البربر وزعمائهم، وقد كانوا يستعيضون عن ذلك بقتلها بالسيوف والرماح. لقد كان الجزارون يأمرون في القبائل قديما بتشكيل طبقة تعد من الخدم تسكن خارج الدواوير. ويسمى الخدم عند الطوارق بإيكلان ليس لأنهم عبيد استقدموا من الجنوب وأيضا لأنهم يحترفون الجزارة.
ويتابع ابن خلدون: فلما قفل – عقبة - عن غزاته وانتهى إلى طبنة صرف العساكر إلى القيروان أفواجاً ثقة بما دوخ من البلاد، وأذل من البربر حتى بقي في قليل من الناس. وسار إلى تهودة أوبادس لينزل بها الحامية. فلما نظر إليه الفرنجة طمعوا فيه وراسلوا كسيلة بن لزم ودلوه على الفرصة فيه فانتهزها، وراسل بني عمه ومن تبعهم من البربر، واتبعوا عقبة وأصحابه... حتى إذا غشوه بتهودة ترجل القوم وكسروا أجفان سيوفهم، ونزل الصبر واستلحم عقبة وأصحابه... ولم يفلت منهم أحد، وكانوا زهاء ثلاث مائة من كبار الصحابة والتابعين استشهدوا في مصرع واحد... .
كان حينها زهير بن قيس البلوي بالقيروان، وبلغه الخبر فخرج هارباً وارتحل بالمسلمين ونزل برقة وأقام بها ينتظر المدد من الخليفة. واجتمع إلى كسيلة جميع أهل المغرب من البربر والفرنجة، وزحف إلى القيروان فخرج العرب منها. وأقام أميراً على إفريقية خمس سنين. وكان زهير بن قيس مقيماً ببرقة مند مهلك عقبة فبعث إليه الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان بالمدد وولاه حرب البربر والثأر بدم عقبة فزحف إليها في آلاف من العرب.
من جهته، جهز كسيلة حصانه، وحمل ترسه وسيفه، وأعد العدة صحبة جنده. وبعد أن جمع كسيلة البرانس وسائر البربر، ذهب لملاقاة أعدائه. لقد كان يردد دائما أن أرضه تنوء بحمل المتسلطين وترفض من يسلب رزق أبنائها ويمرغ كبرياءهم ويستحيي نساءهم. مضى كسيلة صوب الشرق؛ إلى ما وراء جبال الأوراس. التقى الجيشان بنواحي القيروان واشتد القتال بين الفريقين. ثم انهزم البربر سنة 686 من الميلاد وقتل كسيلة ومن لا يحصى من البربر، واتبعهم العرب إلى نهر ملوية بالمغرب الأقصى. وذل البربر ولجأوا إلى القلاع والحصون... واستقروا بمدينة وليلى بالمغرب وكانت ما بين موضع فاس ومكناسة بجانب جبل زرهون. ويقولون إن كسيلة قضى نحبه قرب قلعة "ممش" مع خيرة جنده وصفوة صحبه المقاومين لتسلط العرب المتخفي خلف ستار الدين.
للفائدة والمعلومةتحياتي 

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Popular Posts

About

Enter your email address:

Delivered by FeedBurner

About Me